ما هي قضيتك ؟
هل بحق قضيتك هي العمل لدين الله ؟ أو تعمل لحساب نفسك من هنا نبدأ
هل تستنفر كل طاقاتك لإعلاء كلمة الله في الأرض أو تعيش لتحقيق ذاتك ؟
هل أنت شخص إيجابي مؤثر ولست متأثرًا ؟
هل الدم يتحرك في جسد وقلب خبا فيه لهيب الإيمان أو قلب يحترق شوقا لنرى الإسلام عقيدة وعبادة وسلوكا وأخلاق ومنهجًا لحياة في كل أرجاء الأرض ؟
أحبتي في الله ..
تعالوا لفتح صفحة حوار ومواجهة لتحديد أهدافنا الحقيقية التي نعيش من أجلها، أين جهدك أيها المسلم ؟ ماذا قدمت لدين الله ؟ أين إحساسك بأمتك ؟ أين شرع الله في منظومة حياتك ؟ تُرى لمن تعمل ؟ لحسابك الشخصي أو لإرضاء ربك من فوق سبع سموات .
سنعرض هنا لمعنى أساس ونفتح بعد ذلك صفحات أخرى في هذه القضية المحورية في حياة المسلم .
أريد أن يعلم كل المسلمين أنَّ العمل للدين قرين الانتماء إليه وأننا كلنا دعاة للإسلام ، بألسنتنا بسلوكنا بأخلاقنا بغيرتنا عليه بحبنا لربنا وتعلقنا به وحده وإيثارنا له على من سواه كائنا من كان .
هذه قضية كانت واضحة محسومة في عقيدة الجيل الأول، في عقيدة أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم تلقوا هذا الدين غضا طريا من في محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه.
وخذ قصة إسلام الصحابي الجليل أبي ذر رضي الله عنه جندب بن جناده .
هذا الرجل الأعرابي الذي جاء من قبلة غفار ينشد الهدى ، فإذا به رابع أربعة في الإسلام ، فأمره النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يغادر مكة لأن وجوده بين ظهراني المسلمبن في مكة وهو غفاري ليس بقرشي يشكل عبأ على الدعوة، والدعوة لا زالت في بدايتها، فليلحق بقومه.
فماذا فعل؟ قال والله لا أخرج من مكة حتى أصرخ بها بين أظهرهم.
أبو ذر الذي لم يحمل من الدين إلا التوحيد يستشعر أنه يتحمل مسؤولية تقديم عمل ما للدين، وليكن هذا العمل تحطيم حاجز الصمت الذي تبنيه قريش سياجا على دعوة رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
فإذا به يغدو إلى الحرم وقريش في نواديها فيه فيصرخ وهو الرجل الشديد الجهوري الصوت أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
ويدوي ندائه في مكة فتثور إليه قريش من أنديتها، تقع عليه، فيثور إليهم العباس رضي الله عنه وهو رجل موصول العاطفة بالنبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه:
فخاطب في قريش حسها التجاري، فقريش قوم تجار فقال:
كيف تقعون برجل من غفار وقوافلكم تمر بأرضهم ذاهبة وآيبة ؟
والله لأن مسستموه بسوء ليقطعون عليكم الطريق إلى الشام. هنا توقفوا.
فقام أبو ذر بعد أن رأى الهلكة بأم عينيه.
هل قام وهو يقول الحمد الله الذي أنجاني، أين راحلتي إلى أرض قومي؟ كلا.
قال لا أذهب حتى أصرخ بها غدا.
وفعلا يعود من الغد ويصرخ بها، ويثورون إليه كما ثاروا بالأمس.
ويثور العباس فيخلصه - وكان إذ ذات مشركا - وبالأسلوب ذاته يخلّص أبا ذر، فهل قال لقد نجوت هذه المرة يوم خلصني العباس، وسألحق بقومي وقد أديت ما علي، والحمد لله الذي نجاني من القوم الظالمين؟ نعم حمد الله ولكن بالتزام أن يعود ثالثة.
عاد أبو ذر ثالثا وليس على يقين أن العباس سيخلصه المرة الأخرى ، ولكنه على يقين أنه بعمله ذلك يقدم عملا إيجابيا للدعوة.
ولتنشق أذان قريش بالدعوة التي تحاصرها بالصمت.
وليعرف الناس سماع الشهادة، ونداء التوحيد، والخبر برسالة محمد (صلى الله عليه وسلم).
فإذا به ينادي ثالثا فيثورون إليه ويقعون به فيخلصه العباس.
فيمم شطر قومه غفار، فماذا فعل عندهم؟
لقد بدأ بأسرته وقرابته فدعا أمه ودعا أخاه ثم هب إلى قبيلته يدعوها فاسلم نصفها.
أما النصف الأخر فقالوا: أليس صاحبك (يعني رسول الله (صلى الله عليه وسلم)) قد أمرك أن تذهب فإذا سمعت بأنه قد ظهر أن تلحق به؟
النبي الآن ثالث ثالثة ويقول لأبي ذر فإذا علمت أني قد ظهرت فالحق بي، اليقين.
قالوا أليس وعدك أنه إذا ظهر تلحق به؟ قال نعم.
قالوا نحن إذا ظهر آمنا لحقنا به، أما الآن فننتظر.
فلما ظهر النبي (صلى الله عليه وسلم) آمنت غفار كلها فقالت بنو عمها قبيلة أسلم: ليس بنا عما رغب به بنو عمنا غنى فأسلموا أيضا.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله.
هذا الإنجاز تحقق على يد رجل اعتقد أنه ربع الإسلام.
ربع العالم الإسلامي في وقته لم يحمل من النبي (صلى الله عليه وسلم) إلا التوحيد، ولكن حمل مع التوحيد الاستشعار للمسؤولية اتجاه هذه الرسالة، واتجاه هذه العقيدة وأن دخوله لهذا الدين يستوجب العمل له.
وأنت متى تكون ( رجل الإسلام ) ؟ هذه عنوان مقالتنا القادمة فإلى الملتقى ، استودع الله دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم .