36 ـ ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: (من رآني في منامه؛ فقد رآني حقًا؛ فإنَّ الشيطان لا يتمثل بي) يدَّعي بعض الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه في المنام، وأعطاه وِردًا يكرِّره كذا مرة (أي: يتعبَّدُ به ويخبر به الناس)، وهذا ينافي الآية الكريمة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} [المائدة: 3.]؛ فهل يُصدَّق مثل هذا أم يُكذَّبُ؟
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام قد تحصل، والحديث الوارد فيها صحيح (26).لكن هذا في حق من يعرف الرسول صلى الله عليه وسلم ويعرف صفاته صلى الله عليه وسلم؛ فإنَّ الشيطان لا يتشبَّه به في صفاته وشخصه عليه الصلاة والسلام، فمن كان يعرفُهُ حقَّ المعرفة، ويُميِّزُهُ حقَّ التَّمييز عن غيره؛ فهذا قد يراه في المنام، أما الذي لا يعرف صفات الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يُميِّزُ شخصيَّته الكريمة عليه الصَّلاة والسلام؛ فهذا قد يأتيه الشيطان، ويدَّعي أنه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ يُضَلِّلُهُ في دينه؛ فليس الأمر على إطلاقه.
أما الناحية الثانية، وهي أنَّ الرسول علَّمه وِردًا في رُؤياه؛ فهذا - كما تفضل السائل - أمر باطل؛ لأنَّ التشريع قد انتهى بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: 3.]، ولا يُرِدُ بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم تشريع شيء وزيادة شيء على ما كان قبل وفاته عليه الصلاة والسلام؛ لا وِردٌ ولا غيره؛ فليُتَنبَّه لهذا.