[size=29][/size]ثمرات قراءة القرآن
لقراءةِ القرآن من الثمرات ما لا يُحصى، وقد جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة والآثار الواردة عن الصحابة والتابعين، وقد لخصها بعض العلماء فيما يلي:
حكم القراءة ومقدار ما يقرأ
قراءةُ القرآن سنة من سنن الإسلام، والإكثار منها مُستحب حتى يكون المسلم مستنير الفؤاد بما يقرأ من كتاب الله، والتلاوة مع إخلاص النية وتحسين القصد عبادة يؤجرُ عليها المسلم بدليل ما ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه من قوله صلى الله عليه وسلم : "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة... الحديث". رواه الترمذي وقال: حسن صحيح،
وما جاء في حديث أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعًا: "اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه...." رواه مسلم.
وكان السلف رضوان الله عليهم يحافظون على قراءة القرآن.
مقدار القراءة
أما القدر الذي ينبغي قراءته فإنه يختلف باختلاف الناس،
يقول الإمام النووي في الأذكار: ينبغي أن يحافظ على تلاوته ليلاً ونهارًا، سفرًا وحضرًا،
وقد كان للسلف رضي الله عنهم عادات مختلفة في القدر الذي يختمون فيه، فكان جماعة منهم يختمون في كل شهرين ختمة، وآخرون في كل شهر ختمة، وآخرون في كل عشر ليال ختمة، وآخرون في كل ثمان ليال ختمة، وآخرون في كل سبع ليالٍ ختمة، وهذا فعل الأكثرين من السلف، وآخرون في كل ست ليال، وآخرون في خمس، وآخرون في أربع، وكثيرون في كل ثلاث ختمة.. وذكر أن بعضهم ختم أربعًا في الليل وأربعًا في النهار،
قال النووي: والمختار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف فليقتصر على قدر يحصل له معه كمال فهم ما يقرأ، وكذا من كان مشغولاً بنشر العلم، أو فصل الحكومات بين المسلمين، أو غير ذلك من مهمات الدين، والمصالح العامة للمسلمين فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مُرصد له، ولا فوات كماله، ومن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حدِّ الملل أو الهَذْرَمَةِ (وهي الإسراع الزائد) في القراءة.
وقد كرِهَ جماعةٌ من المتقدمين الختم في يوم وليلة، ويدل عليه ما رويناه بالأسانيد الصحيحة في سنن أبي داود والترمذي والنسائي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يفقهُ من قرأ القرآن في أقل من ثلاث".
{انتهى كلام النووي بتصرف يسير}
الأوقات التي تستحب فيها القراءة
قال النووي: أفضل القراءة ما كان في الصلاة، ومذهب الشافعي وآخرين رحمهم الله: أن تطويل القيام في الصلاة بالقراءة أفضل من تطويل السجود وغيره.
وأما القراءة في غير الصلاة فأفضلها قراءة الليل، والنصفُ الأخير منه أفضل من الأول، والقراءةُ بين المغرب والعشاء محبوبةٌ.
أما قراءة النهار فأفضلها ما كان بعد صلاة الصبح، ولا كراهة في القراءة في وقت من الأوقات، ولا في أوقات النهي عن الصلاة (النافلة).
من السنة كثرةُ الاعتناء بالقراءة في شهر رمضان، وفي العشر الأُخَر منهُ أفضل وليالي الوتر آكد ومن ذلك العَشْرُ الأُوَل من ذي الحجة، ويوم عرفة، ويوم الجمعة.
آيات وسور مخصوصة في صلوات مخصوصة
قال النووي: السنة أن يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة بعد الفاتحة في الركعة الأولى (السجدة) بكمالها، وفي الثانية هل أتى على الإنسان بكمالها، ولا يفعل ما يفعله كثير من أئمة المساجد من الاقتصار على آيات من كل واحدة منهما مع تمطيط القراءة بل ينبغي أن يقرأهما بكمالهما ويدرج قراءته مع ترتيل.
والسنة أن يقرأ في صلاة الجمعة في الركعة الأولى سورة (الجمعة) بكمالها، وفي الثانية سورة (المنافقون) بكمالها، وإن شاء سبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية هل أتاك حديث الغاشية فكلاهما صحيح عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم .
السنة في صلاة العيد في الركعةِ الأولى أن يقرأ سورة (ق) وفي الثانية اقتربت الساعة بكمالها، وإن شاء (سبح اسم ربك الأعلى)، و هل أتاك، فكلاهما صح عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم .
يقرأ في ركعتي سنة الصبح بعد الفاتحة في الأولى: قل يا أيها الكافرون وفي الثانية قل هو الله أحد وإن شاء قرأ في الأولى قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا {البقرة: 126}، وفي الثانية: قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم {آل عمران: 64}، فكلاهما صحيح من فعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم .
ويقرأ في سُنة المغرب في الأولى قل يا أيها الكافرون، وفي الثانية قل هو الله أحد ويقرأهما أيضًا في ركعتي الطواف وركعتي الاستخارة.
ويقرأ من أوتر بثلاث ركعات في الركعة الأولى: "سبح اسم ربك الأعلى"، وفي الثانية قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة: قل هو الله أحد والمعوذتين (الفلق) و(الناس).
سور مخصوصة في أوقات ومواضع مخصوصة
أما في غير الصلاة فمن المستحب أن يقرأ سورة الكهف يوم الجمعة، كما يستحب أيضًا أن يقرأها ليلة الجمعة لما جاء في حديث الدارمي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه موقوفًا، قال: "من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور فيما بينه وبين البيت العتيق" قال محقق التبيان حديث صحيح.
{وذكره الألباني في صحيح الجامع مرفوعًا ح(6471) وفيه "... يوم الجمعة"}
يستحب الإكثار من تلاوة آية الكرسي في جميع المواطن وأن يقرأها كل ليلة إذا أوى إلى فراشه، وأن يقرأ المعوذتين عقب كل صلاة، فقد صحّ عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: "أمرني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن أقرأ المعوذتين دبر كل صلاة". {رواه أبو داود والترمذي والنسائي. قال الترمذي: حديث حسن صحيح}
أن يقرأ إذا استيقظ من نومه آخر آل عمران من قوله تعالى: إن في خلق السموات والأرض (الآية 190- إلى آخر السورة) لما ثبت في الصحيحين أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ خواتيم آل عمران (الآيات العشر الأواخر) إذا استيقظ من الليل للصلاة.
يستحب أن يقرأ عند المريض بالفاتحة، و قل هو الله أحد والمُعوذتين.
وعن طلحة بن مصرف قال: كان يقال: إن المريض إذا قُرئَ عنده القرآن وجد لذلك خفة، فدخلت على خيثمة بن سليمان وهو مريض، فقلت: إني أراك اليوم ضاحكًا، فقال: إنه قُرئَ عندي القرآن، وروى الخطيب أبو بكر البغدادي بإسناده: أن أحمد بن منصور الرمادي رحمه الله كان إذا اشتكى شيئًا قال: هاتوا أصحاب الحديث، فإذا حضروا قال: اقرؤوا عليَّ الحديث فهذا في الحديث فالقرآن أَوْلى.
والله من وراء القصد