ثالثا : -
وأما هؤلاء الذين غيروا مقصد الشريعة في علم الأسماء والصفات فالله المستعان على ما يقولون
إذ يقولون بأن التلفظ بأسماء الله تعالى يعطيك طاقة شفائية
ويعطيك شحنات لا أدري نوعيتها تعالج الأمراض مستدلين بآية من القرآن قد حرفوا كلمها عن موضعه { الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } الرعد28
[/center]
وبالرجوع إلى تفسير الآية :
حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَتَطْمَئِنّ قُلُوبهمْ بِذِكْرِ اللَّه } يَقُول :
سَكَنَتْ إِلَى ذِكْر اللَّه وَاسْتَأْنَسَتْ بِهِ .
أي أنه اطمئنان نفسي داخلي وليس معنويا
والمشروع في ذكر الله أو أسمائه عامة أن ندعوه بها
{ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } الأعراف 180
وقد حذرنا الله عز وجل من الحيدة عن أصل أسمائه - وهو الدعاء بها - إلى الإلحاد فيها
وهؤلاء الذين يدّعون الإعجاز العلمي ويغلون فيه
وصل بهم التكلف إلى الإلحاد بأسماء الله تعالى
حتى جعلوا ذكر الله شفاء للجسم لا شفاء للنفس والقلب ؟؟!!
فبأي دليل يقولون هذا الكلام
ومن المعلوم في شرعنا أنه لا يجوز مشروعية شيء إلا بدليل من الدين
وهؤلاء يقولون ما لم ينزل به الله من سلطان ويلحدون في أسمائه
بل هو قول على الله بغير علم
قال الشيخ حامد بن عبد الله العلي في اقتباس لرده على مثل هذه الأمور : (( ... ولو كانت هذه الخصائص المزعومة بغير دليل ، من العلم النافع الذي يعرف به أثر هذه الأسماء الحسنى ، لما ترك النبي صلى الله عليه وسلم دلالة أمته عليه ، فقد دلها على كثير من المنافع المؤثرة في التداوي في بعض السور والآيات ، وبعض الأذكار والكلمات ، وبعض الأدولة والنباتات ، ولم يذكر شيئا عن أثـــر أسماء الله الحسنى ، فكيف توصل هؤلاء على معرفة ما لم يعرفه النبي صلى الله عليه وسلم عن أسماء الرب سبحانه ، وهو أعلم الخلق بالله تعالى ؟! ... ))
فهذا غلو كبير يؤدي إلى الهلاك دون أن يعلم صاحبه
إذ هو يجزم بأن دعاءه لله بالاسم الفلاني سيشفيه من المرض الفلاني فمن أين أتى بذلك الجزم وكيف يقول على الله ما ليس له به علم وهل ينزل عليه وحي من الله ليقر بما أقره
أم أنه متبع لهواه يريد أن يكسب بما يقول ود الناس أو يقربهم من الدين وما هو بمقربهم من الدين ما يقول
بل منفرهم ومبعدهم لأنهم وجدوا كلامه كذبا وبهتانا وزورا
وإن شئت فقل إنه يعلمهم التواكل وعدم الأخذ بالأسباب لأنهم لو كانوا قد عقلوا آيات الله وأحاديث نبيه صلى الله عليه وسلم لما انحرفوا عنها إلى كلام الجهلاء أمثال الذين يقولون بأدعية غير ثابتة في السنة
ولأخذوا بأسباب الشفاء وأدعية الرقية وتوكلوا على الله
ولكن أمتنا واأسفاه تقبل غث القول وسمينه
وليحذر الإخوة من مثل تلك الأمور
التي تحسبها الأمة هينا وهو عند الله عظيم
ولست بذلك أقول ببطلان الدعاء بها .. فنرجو الانتباه بارك الله فيكم
فالذي أتحدث عنه هو ما يفعله عوام الصوفية مثل هذه الجملة : (( يا رحيم يا رحيم يا رحيم ... ))
أو (( الله الله الله .. ))
فهذا هو مقصدي من الكلام وأما أصل التشريع وهو الدعاء بها وهو الوارد في شرع الله تعالى
كأن يقول : ( يا رحمن ارحمني , أو يا شافي اشفني .. ) ونحو ذلك
فهذا أمر مشروع بل قد حببنا النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء وأمرنا به وأخبرنا بأن الله يحب العبد الذي يلح في الدعاء
وهنا لمن أراد الاستزادة في شأن هذه المسألة :
http://www.khayma.com/da3wah/50.html
رابعا : -
" اسم الله في كل اللغات ثلاثة أحرف "
وهذا الذي لا يرى فيه شيء إلا التكلف الزائد عن حده
إذ نحن نكتب الله بالإنجليزية Allah
لأنه اسم علم وأسماء العلم لا تحرف
كأن نقول أحمد = Ahmed
فكلمة الله = Allah
وليس كما هو مذكور
والصواب في هذا الأمر التالي :
أولا وهو المهم : أن اسم الله عز وجل في اللغة العربية ليس ثلاثة حروف وهذه أكبر حجة
ثم إن الله تعالى علوا كبيرا له أسماء كثيرة فهل كلها ثلاثة حروف ؟
ثانيا وهو الأهم : لو قلنا بهذا الكلام فهو حجة علينا لا لنا ولا أبالغ إن قلت أنه قد يدخل في كونه افتراء على الله تعالى
ففلان مثلا اسمه في كل اللغات له نفس عدد الحروف
فهل هو 000 عياذا بالله تعالى علوا كبيرا عما يشرك به الظالمون
وهذا قد يجعل النصارى يحتجون بقولهم عيسى أو يسوع أو روح القدس له نفس عدد الأحرف إذا هو إله ..!!
ثالثا وهو أهم من المهم : أن عدد الحروف ليس مقياسا للربوبية أو العبودية وحقائق العلم ليست قطعية الثبوت فلو اتبعنا جهلاء هذه الأمة في كل نقطة فلا أستبعد أن يخرجوا لنا بقول يقول أن الشخص الذي عدد حروف اسمه أكثر فهو أكثر تقى عند الله ؟ وهذا غير مستبعد فماداموا قد اعتدوا على اسم الله – تعالى علوا كبيرا عن ذلك – فسيعتدون على أسماء كثيرة غيره
وبعض الجهلاء جعل عدد أحرف الاسم مقياسا للذكاء والغباء
بل هو جاهل قليل علم لا يفقه من أمره شيئا ولم يعرف المقياس الحقيقي فجاء يدعي العلم بمقياس فاسد
فهل عدد الحروف أصبح مقياس ربوبية أو ألوهية أو ما دون ذلك من الأمور .. ألا هزلت !!
ثم حتى لو كان كذلك فديننا ليس بحاجة لإثباتات وتأكيدات
لقوله تعالى : " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً " المائدة 3
فالدين قد اكتمل في حجة الوداع كما بينا سالفا
والله تعالى أمرنا بالتفكر في الكون لنعلم أنه إله حق وأنه دين حق وأنه رسول حق
وما يقوم به الناس من تكلف وابتداع هي أشياء ما أنزل الله بها من سلطان
خامسا : -
وخرج لنا ممن يدعي العلم من يقول لك : إذا قرأت القرآن على الزرع فإن محصوله يزداد !! ونظير ذلك من هذه الأقوال الجاهلة
فهل هذا كلام عاقل وهل لهذا القرآن نزل أم هل نسينا قضاء الله وقدره في هذه الأمور
[center]
ولو قلنا بأن أحدهم صغّر عقله وفعل ذلك بناء على جهل منه بمثل هذه الأمور وقدر الله للمحصول أن يكون قليلا
فإن كان من الجهلاء ضعاف الإيمان فسيقول قد فعلت ولم يزدد المحصول فيشككه الشيطان بدينه فيكثر شك نفسه وينسى أنه جاهل يأخذ غث القول وسمينه ولا يحكّم عقله
وينسى أنها أشياء ما نزل بها سلطان لا في كتاب ولا في سنة
ولا أمر الله بها وحيا ليوحي إلى رسول
وليس لهذا نزل القرآن وليست هذه حجة يستدل بها على صدقه
فهل نسينا تدبر القرآن وفهم معانيه وإعجازه
وحدنا عنه إلى اتباع الهوى والعقل ثم جعلها أمورا دينية
وقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : " لو كان الدين بالعقل لكان مسح باطن الخف أولى من ظاهره "
بل أضف إلى ذلك أن هذا ليس كلاما عن عقل بل هو كلام تكلف وغلو لابتداع أساليب تعبدية جديدة
ونسينا أو تجاهلنا أن القرآن مصدر التشريع الأول والسنة مصدره الثاني ثم إجماع فقياس فاجتهاد
وليس فيها كلها شيء مما يقوله هؤلاء وبعضهم يظن نفسه على خير ويحسب أنه يفعل خيرا وفعله مبني على جهل بأمور الدين والتشريع الإسلامي
والتكلف في الأمور يؤدي إلى الهلاك لا إلى النجاة
ولو كان في الأمر خير لسبقنا إليه خير صحبة لخير نبي
بل عن ابن مسعود قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هلك المتنطعون " . قالها ثلاثا ) . رواه مسلم
فها هو رسولنا عليه الصلاة والسلام ينهانا عن التنطع والتكلف في الأمور والغلو فيها لأن نهايتها إلى الهلاك بإجهاد نفس وإضلال غيرها وصرفها عن أصل الدين أحيانا فهؤلاء الذين قالوا هذا القول تراهم – أو لنقل معظمهم كي لا نظلم – يتعمقون في إخراج إعجازات علمية ويبتدعون أشياء جديدة ويتفننون في ذلك وينسون أصل نزول القرآن ألا وهو التدبر وتفهم المعاني { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ } ( سورة ص : آية 29 )
وكأن هؤلاء يظنون أنهم يصبحون مثل الصحابة بتكلفهم وغلوهم
وقد جاء بالنص صريحا في سورة ص : ( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ{86} إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ{87} وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ{88} )
وفي تفسير القرطبي : ( وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ : أَيْ لَا أَتَكَلَّف وَلَا أَتَخَرَّصُ مَا لَمْ أُومَرْ بِهِ )
وقومنا في التكلف والتعسف يتفننون !!
فالله المستعان على قومنا ماذا يصنعون
تحسبون الأمر تورّعا وما هو بذلك
وإنه والله لأمر عظيم لو أنكم تعلمون
وقد يؤدي بكم إلى أن تجعلوا للكفار عليكم حجة
وأنتم تريدون الخير ولكنكم لا تصيبونه
فاتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه
يتبع بإذن الله تعالى ..